ريهام حسني

الطباشير الرقمي: تحديات العملية التعليمية في زمن الكورونا

الطباشير الرقمي ريهام حسني

بعد انتشار فيروس كوفيد-19 (كورونا)، و غلق المدارس و الجامعات، و التزام الناس بيوتها، تصدّر موضوع تكنولوجيا التعليم أحاديث الآباء، و الأمهات، و المعلمين، و الطلاب، و كل القائمين على العملية التعلمية في جميع أنحاء العالم. شهد الأسبوع قبل الماضي (16 مارس) تحول معظم المؤسسات التعليمية في العالم إلى التعليم عن بعد Distance Learning  و لأن “التعليم أقوى سلاح يمكن أن تستخدمه لتغيير العالم” كما قال نيلسون مانديلا، فلابد أن نولي هذا الموضوع مزيدًا من البحث، و الدراسة.

 

من بين كل أنواع التكنولوجيا المستخدمة في العملية التعليمية، تلعب التكنولوجيا الرقمية الدور الأهم في العملية التعليمية حاليًا بما توفره من إمكانات، و أدوات تسمح بالتعليم عن بعد.  و إذا كان التعليم عن بعد خيارًا متاحًا أمام المؤسسات التعليمية فيما قبل كورونا، فإنه أصبح الآن الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامنا لمواصلة العملية التعليمية، و إنقاذ ما يمكن إنقاذه. سأستعرض في هذا المقال أشهر منصات، و أدوات التعليم عن بعد التي تستخدمها المؤسسات التعليمية حول العالم حاليًا، و تحديات استخدام هذه المنصات في وطننا العربي.

 

يتم التعليم عن بعد بطريقة تزامنية أو أخرى غير تزامنية. تعتمد الطريقة التزامنية على محاكاة ما يحدث في قاعة الدرس الواقعية، أي وجود الطلاب، و المعلم في وقت واحد في بث مباشر على شبكة الانترنت للقيام بما كانوا يقومون به من أساليب التدريس، و التعلم في الواقع. تتميز هذه الطريقة بالتفاعل المباشر بين المعلم، و الطلاب، كما يحدث في الواقع، و بالإضافة للتفاعل البصري، و الصوتي، توفر المنصات التي تدعم هذه الطريقة التزامنية أدوات تفاعل أخرى مثل الدردشة النصية Text Chat، و رفع الأيدي Hand Raising، و الرموز الانفعالية .Emoticons تتطلب هذه الطريقة اتصال قوي بالإنترنت، و أجهزة رقمية متطورة، و قدرًا من التدريب على استخدام المنصات التي تدعم هذه الطريقة من التعليم.

 

أما الطريقة غير التزامنية فتعتمد على إمكانية الاطلاع على المحتوى التعليمي من فيديوهات، و تسجيلات صوتية، و المواد التعليمية الأخرى، بطريقة فردية، و في أي وقت يناسب الطلاب. تفتقد هذه الطريقة لعنصر التغذية الراجعة المباشرة، و التواصل المباشر بين المعلم، و الطلاب مما قد يؤثر على دافعية الطلاب للتعلم.

 

و قد تتحول الطريقة التزامنية إلى غير تزامنية، و مثال ذلك عندما لا يستطيع أحد الطلاب حضور البث المباشر لإحدى المحاضرات التزامنية، و يستمع إلى تلك المحاضرة مسجلة في وقت لاحق. و قد تمتزج الطريقة التزامنية بالطريقة غير التزامنية، و يسمى ذلك بالتعليم المختلط Blended Learning.

 

راقبت، عن كثب، على مدار الأسبوعين الماضيين، تحول العالم إلى التعليم عن بعد، و كيف تمت هذه العملية في الدول الغربية، و دولنا العربية. كان من الملاحظ أن عملية التحول إلى التعليم عن بعد اعتمادًا على الطريقة التزامنية قد تمت بسلاسة كبيرة في معظم  الجامعات الغربية، و لم تتعطل الدراسة، حيث تعاون جميع القائمين على العملية التعليمية في هذه الجامعات لتبادل الخبرات، و صناعة الفيديوهات التوضيحية، و إرسال رسائل إلكترونية بآخر المستجدات، و تقديم الدعم النفسي للجميع، و قد عاينت ذلك بنفسي في إحدى هذه الجامعات. تعتمد هذه الجامعات في عملها على منصات إلكترونية متطورة، و لديها خطط جاهزة لإدارة الأزمات، لذلك لم يستغرق هذا التحول إلى التعليم عن بعد أي وقت يذكر، و تم الالتزام بجدول المحاضرات المحدد منذ بداية العام الدراسي، و كان كل شيء على ما يرام. بالطبع، ساعدت عوامل مثل الإدارة اللامركزية التي تعتمد عليها هذه الجامعات، و قيام كل فرد بمسؤولياته، و البنية التحتية القوية على تسهيل المهمة.

 

على الجانب الآخر، مرت الكثير من الجامعات العربية، و خاصةً الجامعات الحكومية، بحالة من التخبط، و تعطيل الدراسة قبل الاستقرار على تبني الطريقة غير التزامنية التي تعتمد على توفير المحاضرات الباقية لهذا الفصل الدراسي في شكل ملفات بي دي إف، أو عروض باوربوينت صماء، أو فيديوهات يوتيوب، دون حتى استغلال الإمكانات التفاعلية التي توفرها هذه الملفات، على المواقع الإلكترونية لهذه الجامعات. لم توفر هذه الجامعات الدعم النفسي اللازم للطلاب، و هيئات التدريس، و لم تطلعهم على خطتها لمواجهة هذا الموقف الطارئ. اعتمدت هذه الجامعات على الطريقة المركزية بحيث يرسل أعضاء هيئة التدريس الملفات المطلوبة إلى شخص واحد في كل كلية، مسؤول عن الموقع الإلكتروني لهذه الكلية، مما سيزيد بالطبع  فرص حدوث أخطاء كثيرة، و بالتالي تعقيد العملية برمتها. هذا الاتجاه لتبني الطريقة غير التزامنية التي تقطع التواصل بين المعلم، و طلابه، و تقلل من دافعية الطلاب للتعلم، و تزيد من مشاكل الفهم، و الاستيعاب له دوافعه من حيث انهيار البنية التحتية خاصةً في جامعاتنا الحكومية، و عدم توافر شبكات انترنت قوية، و عدم وجود خطة مسبقة لإدارة الأزمات، و عدم تدريب المعلمين على استخدام منصات التعليم عن بعد، فضلًا عن عدم تواجد هذه المنصات في بعض الجامعات.

تُظهر الأزمة التي نمر بها حاليًا كيف أننا كنا نسير في الطريق الخطأ، و أنه مازال أمامنا الكثير لنفعله إذا كنا حقًا نريد تطوير منظومتنا التعليمية في الوطن العربي. أولى خطوات التطوير أن نبدأ الآن بأن يؤدي كل منا دوره، و أن يقدم كل منا ما بوسعه أن يقدمه لتحقيق جودة العملية التعليمية بعيدًا عن الكليشيهات المحفوظة، و الأوراق المعبأة التي تظهر بمجرد ذكر كلمة “الجودة“.

 

سأستعرض في السطور التالية أشهر المنصات، و الأدوات الرقمية للتعليم عن بعد، و التي تعتمد على الطريقة التزامنية، و التي ثبت فاعليتها في كثير من الجامعات المرموقة حول العالم، كما سأناقش إمكانية استخدام هذه المنصات، و الأدوات في جامعاتنا العربية ذات الإمكانات المحدودة.

 بلاك بورد ألترا Blackboard Collaborate Ultra  

التعليم في زمن الكورونا

تساعد هذه المنصة على خلق بيئة تعليمية افتراضية تحاكي ما يحدث في البيئة التعليمية الواقعية. يستطيع المعلم، باستخدام البلاك بورد، أن ينشئ فصلًا دراسيًا افتراضيًا، و يرسل الرابط الإلكتروني الخاص بهذا الفصل للطلاب حتى يلتحقوا به مباشرةً دون الحاجة لتحميل المنصة على أجهزتهم الخاصة. داخل الفصل الافتراضي، يتمكن المعلم، و الطلاب من رؤية بعضهم البعض، و تبادل الحديث، سواءًا صوتيًا أو كتابيًا. قد يظن البعض أن نوعًا من الفوضى قد يعم هذا الفصل الافتراضي، و لن يستطيع المعلم تنظيم العملية التعليمية في ظل هذا الوضع الافتراضي، و كثرة أعداد الطلاب، لكن هذا ليس صحيحًا. إذا أراد الطالب التحدث فسوف يكبس زر رفع اليد ليسمح له المعلم بذلك أو لا يسمح. يستطيع الطالب أن يترك سؤاله في المكان المخصص للمحادثة الكتابية/ الدردشة ليرجع له المعلم بعد ذلك. يستطيع المعلم أن يعرف أسماء الحضور، و عددهم، و يمكن للمنصة تسجيل أسماء الطلاب الحضور تلقائيًا إذا تم إعدادها لذلك.

 

يمكن للمعلم أن يعرض مادته التعليمية من صور، و عروض باوربوينت، أو ملفات بي دي إف على الشاشة، و ستظهر بالتالي للطلاب، و يستطيع أيضًا فتح مواقع إلكترونية أخرى، كاليوتيوب مثلًا، و مشاركتها مع الطلاب. و يمكن إرسال رسائل، و إشعارات لجميع الطلاب. هناك أيضًا أدوات القلم، و الممحاة، للكتابة على سبورة بيضاء، و تكبير و تصغير هذه الكتابة، و تأطيرها، و تغيير لون الخط. يستطيع المعلم أيضًا، من خلال منصة البلاك بورد، تقسيم الطلاب للعمل في مجموعات. كما تحتوى هذه المنصة على أداة لتسجيل ما يتم داخل الفصل الافتراضي ليتمكن أولئك الذين لم يشاركوا في هذا الفصل الافتراضي من مشاهدة ما تم شرحة في وقت لاحق.  أثبتت منصة بلاك بورد فاعلية كبيرة في عملية تقييم الطلاب، حيث تسمح للطلاب بتقديم عروضهم Presentations مثل عروض الباوربوينت، و الانتقال بين المواقع الإلكترونية المختلفة لتدعيم عروضهم. توفر هذه المنصة إمكانية تصميم الامتحانات، و توزيعها على الطلاب، و تصحيحها إلكترونيًا بطريقة آلية.

 

يمكن استخدام منصة بلاك بورد في مرحلة التعليم الجامعي، و ما قبله، و تتوفر مجانًا بإمكانات، و أعداد مستخدمين محدودة لمدة 30 يوم. تلجأ المدارس، و الجامعات لشراء هذه المنصة للتمتع بكامل أدواتها، و إمكانياتها، و جعلها متاحة لأعداد أكبر من الطلاب. تدعم هذه المنصة أنظمة Android و IOS على الهواتف الذكية، و كذلك Windows و Mac على الكمبيوتر.

زووم Zoom

برنامج زووم في زمن الكورونا

توفر منصة زوم تقريبًا نفس الإمكانات التي توفرها منصة بلاك بورد، و يمكن دعوة الطلاب للالتحاق بالفصل الدراسي الافتراضي بإرسال رابط الفصل لهم، بالإضافة إلى كود الفصل الذي لا يمكنهم الدخول بدونه. توفر النسخة المجانية من زوم مدة أربعين دقيقة فقط للاجتماع أو الفصل الدراسي، و لكن يمكن الدخول مرة أخرى، و استئناف العمل، كما لا يمكن تسجيل اللقاء في النسخة المجانية.

مايكروسوفت تيمز Microsoft Teams

مايكروسوفت تيمز Microsoft Teams

لا تختلف هذه المنصة كثيرًا عن المنصتين السابقتين، وتتميز بإمكانية العمل الجماعي في شكل فرق للعمل التعاوني في ملفات عمل مشتركة، و بالتالي يمكن استخدامها للتواصل التزامني مع الطلاب، و كذلك لعقد اجتماعات هيئة التدريس، و تقسيم المهام بينهم. و كمنتج لشركة ميكروسوفت، يمكن ربط تيمز ببقية تطبيقات مايكروسوفت أوفيس365  Office مثل إيميل Outlook، و Calendar، مما يسهل من عملية تنظيم اللقاءات على تيمز، و تبادل الملفات. يتم التحاق الطلاب بالفريق أو الفصل الافتراضي عن طريق رابط يرسله المعلم لهم، أو دعوتهم عن طريق البريد الإلكتروني. يمكن تقسيم الفريق إلى مجموعة من القنوات Channels من أجل تنظيم العمل بطريقة أفضل.

 

 يمكن القول إن هذه المنصات هي أشهر ما يتم استخدامه الآن في كثير من المؤسسات التعليمية حول العالم للتعليم التزامني عن بعد. هناك بالطبع منصات كثيرة أخرى، و لكن هذه المنصات الثلاث هي الأكثر تداولًا بين المعلمين حاليًا، و هي صالحة للاستخدام في مختلف مراحل التعليم بما توفره من إمكانات التواصل المباشر بين المعلم، و الطلاب، و محاكاة ما يحدث في الفصل الواقعي.

عملية التقييم

تشكّل عملية التقييم هاجسًا كبيرًا لجميع القائمين على العملية التعلمية، و استلهامًا لبعض الإجراءات التي اتخذتها بعض الجامعات المرموقة حول العالم في هذا الشأن، نستطيع القول بأنه يمكننا القيام بهذه العملية باستخدام الإمكانات التي توفرها المنصات التي أشرنا إليها بالأعلى:

 

يستطيع الطلاب من خلال هذه المنصات تقديم عروض شفاهية، أو عروض الباوربوينت، و بالتالي نستطيع القيام بكل الامتحانات الشفوية من خلال تلك المنصات.

 

يمكن تحويل امتحانات نهاية العام التحريرية إلى امتحانات الكتاب المفتوح Open Book Exam، بحيث يتم إتاحة الأسئلة للطلاب على المنصة في وقت محدد، و يترك لهم 24 ساعة، على سبيل المثال، لاستكمال الإجابات، و رفعها على المنصة قبل انتهاء الوقت المحدد سلفًا. يتم برمجة الموقع الإلكتروني ليخصم تلقائيًا بعض الدرجات لمن لا يلتزم بالوقت المحدد لإرسال الإجابات. ستكون أسئلة هذا النوع من الامتحانات مختلفة عن الامتحانات التحريرية التقليدية التي تتقيد بوقت أقل (ثلاث ساعات تقريبًا). ستتميز الأسئلة هنا بقدر أكبر من التعقيد لتقيس قدرة الطالب على التحليل، و ربط الأفكار، و مهارات التفكير الناقد، و الاستعانة بالمصادر المختلفة. للمزيد عن مواصفات امتحانات الكتاب المفتوح، يمكن تحميل ملف بي دي إف توفره جامعة نيوكاسل على هذا الرابط:

 https://www.newcastle.edu.au/__data/assets/pdf_file/0006/268980/Open-Book-Exams.pdf

 

واجبنا تجاه العملية التعليمية الآن

 على جميع القائمين على العملية التعليمية من هيئات، و مؤسسات، و أفراد في وطننا العربي الإسراع في تقديم أقصى ما يمكن تقديمه للحفاظ على سير العملية التعليمية بجودة كبيرة، و دافعية أكبر. يجب على الحكومات المختلفة توفير الموارد اللازمة لشراء مثل هذه المنصات الإلكترونية في أسرع وقت، إن لم تكن قد فعلت ذلك من قبل. على المعلم أن يبذل الجهد من أجل تعلم كيفية استخدام هذه المنصات. تعج شبكة الإنترنت بالكثير من الفيديوهات، بالعربية، و الإنجليزية، التي توضح طرق التعامل مع هذه المنصات. على المعلم ألا ينتظر الخطوات التي ستتخذها المؤسسات التعليمية، خاصة في دولنا ذات البنية التحتية الضعيفة، و عليه أن يبادر بالبحث عن البدائل المختلفة من أجل مساعدة طلابه، و تسيير العملية التعليمية على الوجه الأكمل، و كذلك تقديم الدعم النفسي للطلاب، و أسرهم، فكما يقف الأطباء حاليًا على ثغر مهم، و هو الزود عن حياة البشرية جمعاء، يقف المعلم على ثغر لا يقل أهمية، و هو الحفاظ على الطلاب معنويًا، و فكريًا، و تعليميًا، فليؤدِ كل منا دوره، و لا يتخاذل عن أداء الواجب. يستطيع المعلم استخدام الإمكانات التي توفرها النسخ المجانية من المنصات المذكورة بالأعلى، و إذا لم يستطع ذلك، فإن أضعف الإيمان أن يستخدم تقنية تسجيل الصوت الملحقة ببرنامج الباوربوينت، ليزود عرضه بشرح صوتي للطلاب، بدلًا من أن يرسل للطلاب ملفات صماء بالمحاضرات المتبقية لهذا الفصل الدراسي، ظنًا منه أنه قد أدى واجبه. أقول لهذا المعلم، عذرًا، لم تؤد واجبك بعد.

 

توفر المنصات التي تم عرضها بالأعلى ميزة مهمة و هي إمكانية تحميلها كتطبيقات على معظم أجهزة التليفون المحمولة، و بالتالي يستطيع الطالب الذي لا يمتلك جهاز كمبيوتر أو لاب توب أن يستخدم هاتفه الذكي، أو أن يستعير هاتف أحد أفراد الأسرة لحضور المحاضرة عن بعد. يمكن أيضًا استخدام الإمكانات الهائلة التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن عمل مجموعات فيس بوك مغلقة لكل مقرر دراسي لمناقشة الصعوبات التعليمية التي يواجهها الطلاب، أو الاستفادة من تقنية البث المباشر باستخدام الفيس بوك في المناطق التي تضعف فيها شبكات الانترنت. يمكن أيضًا عمل مجموعات واتس آب لكل مقرر دراسي، و يكون ذلك كله تحت إشراف المعلم، و بمساعدة بعض الطلاب. على المعلم أن يرفع الروح المعنوية لطلابه، و يكون مصدرًا للطاقة الإيجابية لكل من حوله، فإذا كتب الله لنا البقاء فنكون قد قمنا بدورنا على أكمل وجه إلى آخر نفس، و إن كانت الأخرى، فيكفينا شرف الاجتهاد ليكمل الباقون المشوار.

مـاذا بعـــد؟

 سيختلف عالم ما بعد كورونا عن السابق، و كذلك لن تعود العملية التعليمية لسابق عهدها بعدما أدركنا جميعًا أهمية التكنولوجيا الرقمية في العملية التعليمية. ستتحول بعض المقررات التعليمية في المدارس، و الجامعات، تدريجيًا إلى نظام التعليم عن بعد، سواءًا بالطريقة التزامنية أو غير التزامنية، أو المختلطة مثلما يحدث حاليًا على منصات  يوديمي Udemy و كورسيرا Coursera و غيرها من المنصات التي تمنح درجات علمية بطريقة التعليم الإلكتروني عن بعد، إلى أن يستقر بنا الحال إلى اختفاء المدارس، و الجامعات نهائيًا لتتحول جميعها إلى نظام التعليم الإلكتروني عن بعد. ستقتصر الجامعات على الأعمال، و المشاريع البحثية التي تتطلب وجود معامل، و إجراء تجارب عملية. ستدفع هذه البيئة الجديدة لتطوير التعليم بما يتناسب مع هذه المستجدات، بحيث ستتجه المنصات التعليمية إلى أن تكون منصات اجتماعية و ذلك بالاستفادة من تقنيات 2.0 Web مثل منصة إدمودو Edmodo التي ظهرت عام 2008، و هي منصة تعليمية اجتماعية تجمع بين إمكانات منصة الفيس بوك، و منصة بلاك بورد التي عرضناها بالأعلى. تتميز واجهة إدمودو بأنها شبيهة بواجهة الفيس بوك، و توفر نفس قدر التفاعل الذي توفره منصة الفيس بوك إضافة إلى الإمكانات التعليمية التي توفرها منصة بلاك بورد. يساعد ذلك على إدماج الطلاب في بيئة التعلم، و جعل العملية التعليمية أكثر إثارةً، و تشويقًا لتصبح مناسبة لطلاب القرن الحادي و العشرين.

 

 ستدفع كل هذه التطورات إلى إعادة صياغة المقررات الدراسية لتتمحور حول مفهوم اللعب، حيث يتم تقديم المادة التعليمية في صورة ألعاب، أو ألغاز، و سيتم تعزيز مبدأ المكافأة بالأوسمة، و الهدايا، و الشارات، أو الانتقال إلى مستويات أعلى، أو التغلب على عدو ما، و ذلك لخلق روح الإثارة، و الدافعية للتعلم داخل نفوس المتعلمين، و أيضًا لسد الفجوة بين ما يفعلونه داخل، و خارج الفصل الدراسي.

 

و أخيرًا، يمكننا القول بأن العملية التعليمية في العالم كله تواجه تحديات هي الأكبر في تاريخها، و لابد أن نبذل كل ما نستطيع حتى نكون على قدر الحدث، و نتجاوز هذه المرحلة بسلام.

 

ريهام حسني

أديبة و أكاديمية مصرية

مستشارة دولية لمنظمة الأدب الإلكتروني العالمية